الأحد، 28 يونيو 2015

خديجة أم المؤمنين



خديجة أم المؤمنين 

وسيدة نساء العالمين في زمانها أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، القرشية الأسدية . أم أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد وثبتت جأشه ، ومضت به إلى ابن عمها  ورقة [ ص: 110 ] 

ومناقبها جمة . وهي ممن كمل من النساء . كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة ، من أهل الجنة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ، ويبالغ في تعظيمها ، بحيث  إن عائشة كانت تقول : ما غرت من امرأة ما غرت من  خديجة ، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها .  

ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنه لم يتزوج امرأة قبلها ، وجاءه منها عدة أولاد ، ولم يتزوج عليها قط ، ولا تسرى إلى أن قضت نحبها ، فوجد لفقدها ، فإنها كانت نعم القرين . وكانت تنفق عليه من مالها ، ويتجر هو صلى الله عليه وسلم لها .  

وقد أمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب .  

الواقدي حدثنا ابن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس وابن أبي الزناد ، عن هشام ، وروى عن جبير بن مطعم أن عم خديجة ، عمرو بن أسد ، زوجها بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن أباها مات قبل  [ ص: 111 ] الفجار . ثم قال الواقدي هذا المجتمع عليه عند أصحابنا ، ليس بينهم اختلاف .  

الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بنت ثمان وعشرين سنة .  

قال الزبير بن بكار كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة . وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية  

كانت خديجة أولا - تحت أبي هالة بن زرارة التميمي ، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم  ، ثم بعده النبي صلى الله عليه وسلم ، فبنى بها وله خمس وعشرون سنة . وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة .  

عن عائشة أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة  وقيل : توفيت [ ص:112 ] في رمضان ودفنت بالحجون عن خمس وستين سنة . 

وقال مروان بن معاوية  ، عن وائل بن داود ، عن عبد الله البهي ، قال : قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر  خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها ، فذكرها يوما ، فحملتني الغيرة ، فقلت : لقد عوضك الله من كبيرة السن . قالت : فرأيته غضب غضبا . أسقطت في خلدي وقلت في نفسي : اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت ، قال : كيف قلت ؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس ، وآوتني إذ رفضني الناس ، ورزقت منها الولد وحرمتموه مني قالت : فغدا وراح علي بها شهرا  

قال الواقدي خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين ، فتوفي أبو طالب ، وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام . 

وقال الحاكم ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام . 

هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، مما كنت أسمع من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ، وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين . ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب  [ ص: 113 ] 

أبو يعلى في " مسنده " سماعنا : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل  حدثنا سهل بن زياد ثقة - : حدثني الأزرق بن قيس ، عن عبد الله بن نوفل أو ابن بريدة عن خديجة بنت خويلد ، قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين أطفالي منك ؟ قال : في الجنة . قالت : فأين أطفالي من أزواجي من المشركين ؟ قال : في النار ، فقلت : بغير عمل ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين  فيه انقطاع . 

محمد بن فضيل ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، سمع أبا هريرة ، يقول : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هذه  خديجة أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب  متفق على صحته . 

عبد الله بن جعفر سمعت عليا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خير نسائها خديجة بنت خويلد ، وخير نسائها  مريم بنت عمران 

أحمد حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن ، قالا : لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم  ، امرأة عثمان بن مظعون ، فقالت : يا رسول الله ، ألا تزوج ؟ قال :  [ ص:114 ] ومن ؟ قالت : سودة بنت زمعة  ، قد آمنت بك واتبعتك . . . الحديث بطوله وهو مرسل . 

قال ابن إسحاق تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك  أبي طالب وخديجة وكانت خديجة وزيرة صدق . وهي أقرب إلى قصي من النبي صلى الله عليه وسلم برجل . وكانت متمولة ، فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مالها إلى  الشام ، فخرج مع مولاها ميسرة . فلما قدم باعت خديجة ما جاء به ، فأضعف ، فرغبت فيه ، فعرضت نفسها عليه ، فتزوجها ، وأصدقها عشرين بكرة .  

فأولادها منه : القاسم ، والطيب ، والطاهر ، ماتوا رضعا ؛ ورقية ، وزينب ، وأم كلثوم ، وفاطمة 

قالت عائشة أول ما بدئ به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة . . . إلى أن قالت : فقال :  اقرأ باسم ربك الذي خلق قالت : فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على  خديجة ، فقال : زملوني . ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال : ما لي يا  خديجة ؟ . وأخبرها الخبر ، وقال : قد خشيت على نفسي ، فقالت له : كلا ، أبشر ، فوالله لا يخزيك الله  [ ص:115 ] أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتعين على نوائب الحق . وانطلقت به إلى ابن عمهاورقة بن نوفل بن أسد ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الخط العربي ، وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا قد عمي ، فقالت : اسمع من ابن أخيك ما يقول ، فقال : يا ابن أخي ، ما ترى ؟ فأخبره ، فقال : هذا الناموس الذي أنزل على موسى  الحديث . 

قال الشيخ عز الدين بن الأثير خديجة أول خلق الله أسلم ، بإجماع المسلمين . 

وقال الزهري ، وقتادة ، وموسى بن عقبة ، وابن إسحاق ، والواقدي ، وسعيد بن يحيى أول من آمن بالله ورسوله خديجة ، وأبو بكر ، وعلي رضي الله عنهم . [ ص: 116 ] 

قال ابن إسحاق حدثني إسماعيل بن أبي حكيم ، أنه بلغه عن خديجة أنها قالت : يا ابن عم ، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك ؟ فلما جاءه ، قال : يا  خديجة ، هذا جبريل ، فقالت : اقعد على فخذي ، ففعل ، فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم . قالت : فتحول إلى الفخذ اليسرى ، ففعل . قالت : هل تراه ؟ قال : نعم ، فألقت خمارها ، وحسرت عن صدرها ، فقالت : هل تراه ؟ قال : لا . قالت : أبشر ، فإنه والله ملك ، وليس بشيطان  

قال ابن عبد البر روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  يا خديجة ، جبريل يقرئك السلام  وفي بعضها : يا محمد ، اقرأ على خديجة من ربها السلام 

عن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله  وبمحمد صلى الله عليه وسلم في إسناده لين . 

حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على  خديجة حتى خشي عليه ، حتى تزوج عائشة  

معمر ، عن قتادة وأبو جعفر الرازي ، عن ثابت ، واللفظ لقتادة ، عن [ ص: 117 ] أنس مرفوعا : حسبك من نساء العالمين أربع 

وقال ثابت ، عن أنس خير نساء العالمين مريم ، وآسية  ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة 

الدراوردي ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيدة نساء أهل الجنة بعد  مريم فاطمة ، وخديجة ، وامرأة فرعون آسية 

مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم  خديجة ، فتناولتها ، فقلت : عجوز ! كذا وكذا ، قد أبدلك الله بها خيرا منها . قال : ما أبدلني الله خيرا منها ، لقد آمنت بي حين كفر الناس ، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها ، وحرمني ولد غيرها . قلت : والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم  

وروى عروة ، عن عائشة ، قالت : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة 

قال الواقدي توفيت في رمضان ، ودفنت بالحجون 

وقال قتادة ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وكذا قال عروة  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق